أمهات المؤمنين عند الشيعة الإمامية

(عائشة عند الشيعة الإمامية)

هذه مجموعة من مقالات علماء الشيعة الإمامية في طهارة نساء الأنبياء عليهم السلام

 

 

 

العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي

صاحب كتاب المراجعات نقلا عن كتاب أجوبة مسائل جار الله

من الوجوه التي اعتمد عليها الناصب موسى جار الله في تكفير الشيعة الإمامية انهم يطولون السنتهم على عائشة الصديقة رضي الله عنها ويتكلمون في حقها من أمر الافك والعياذ بالله ما لا يليق بشأنها.. إلى آخر افكه وبهتانه.
والجواب أنها عند الامامية وفي نفس الأمر والواقع أنقى جيبا واطهر ثوبا وأعلى نفسا وأغلى عرضا وامنع صوتا وارفع جنابا وأعز خدرا واسمى مقاما من أن يجوز عليها غير النزاهة أو يمكن في حقها الا العفة والصيانة، وكتب الامامية قديمها وحديثها شاهد عدل بما أقول، على أن أصولهم في عصمة الانبياء تحيل ما بهتها به أهل الافك بتاتا، وقواعدهم تمنع وقوعه عقلا ولذا صرح فقيه الطائفة وثقتها أستاذنا المقدس الشيخ محمد طه النجفي أعلى الله مقامه بما يستقل بحكمه العقل من وجوب نزاهة الأنبياء عن أقل عائبة ولزوم طهارة أعراضهم عن أدنى وصمة فنحن والله لا نحتاج في براءتها الى دليل ولا نجوز عليها ولا على غيرها من أزواج الأنبياء والأوصياء كل ما كان من هذا القبيل.
قال سيدنا الامام الشريف المرتضى علم الهدى في المجلس 38 من الجزء الثاني من أماليه ردا على من نسب الخنا الى امرأة نوح ما هذا لفظه: ان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجب عقلا ان ينـزهوا عن مثل هذه الحال لأنها تعر وتشين وتغض من القدر، وقد جنب الله تعالى أنبياءه عليهم الصلاة والسلام ما هو دون ذلك تعظيما لهم وتوقيرا لكل ما ينفر عن القبول منهم… الى آخر كلامه الدال على وجوب نزاهة امرأة نوح وامرأة لوط من الخنا، وعلى ذلك اجماع مفسري الشيعة ومتكلميهم وسائر علمائهم.
نعم ننتقد من أفعال أم المؤمنين خروجها من بيتها بعد قوله تعالى «وقرن في بيوتكن» وركوبها الجمل بعد تحذيرها من ذلك ومجيئها الى البصرة تقود جيشا عرمرما تطلب على زعمها بدم عثمان، وهي التي أمالت حربه وألبت عليه وقالت فيه ما قالت، ونلومها على أفعالها في البصرة يوم الجمل الأصغر مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ونستنكر أعمالها يوم الجمل الأكبر مع امير المؤمنين ويوم البغل حيث ظنت أن بني هاشم يريدون دفن الحسن المجتبى عند جده صلى الله عليه وآله وسلم فكان ما كان منها ومن مروان، بل نعتب عليها في سائر سيرتها مع سائر أهل البيت عليهم السلام.

والناصب الكاذب بلغ عداوة الشيعة الى حد لا يبلغه مسلم وتجشم في بغضائهم مسلكا لا يسلكه موحد، اذ وصم الاسلام واهله بما افتراه في هذا الوجه على الشيعة وهم نصف المسلمين وصمة اقر بها عيون الكافرين وفرى بها مرائر الموحدين وظلم ام المؤمنين وجميع المسلمين، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

 

 

العلامة السيد محمد حسين الطباطبايي

تفسير الميزان ج15، تفسير سورة النور

طهارة نساء النبي ثابتة بالدليل العقلي والقول بشك النبي صلى الله عليه وآله بأهله غير صحيح

أقول: والرواية مروية بطرق أخرى عن عائشة أيضا وعن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي اليسر الأنصاري وأم رومان أم عائشة وغيرهم وفيها بعض الاختلاف: وفيها إن الذين جاءوا بالإفك عبد الله بن أبي بن سلول ومسطح بن أثاثة وكان بدريا من السابقين الأولين من المهاجرين، وحسان بن ثابت، وحمنة أخت زينب زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وفيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعاهم بعد ما نزلت آيات الإفك فحدهم جميعا غير أنه حد عبد الله بن أبي حدين وإنما حده حدين لأنه من قذف زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان عليه حدان.

وفي الروايات على تقاربها في سرد القصة إشكال من وجوه: أحدها: أن المسلم من سياقها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في ريب من أمر عائشة بعد تحقق الإفك كما يدل عليه تغير حاله بالنسبة إليها في المعاملة باللطف أيام اشتكائها وبعدها حتى نزلت الآيات، ويدل عليه قولها له حين نزلت الآيات وبشرها به: بحمد الله لا بحمدك، وفي بعض الروايات أنها قالت لأبيها وقد أرسله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليبشرها بنزول العذر: بحمد الله لا بحمد صاحبك الذي أرسلك، تريد به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي الرواية الأخرى عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما وعظها أن تتوب إلى الله إن كان منها شيء وفي الباب امرأة جالسة قالت له عائشة: أما تستحي من هذه المرأة أن تذكر شيئا.

ومن المعلوم أن هذا النوع من الخطاب المبني على الإهانة والإزراء ما كان يصدر عنها لو لا أنها وجدت النبي في ريب من أمرها. كل ذلك مضافا إلى التصريح به في رواية عمر ففيها: “فكان في قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم مما قالوا”.

وبالجملة دلالة عامة الروايات على كون النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ريب من أمرها إلى نزول العذر مما لا ريب فيه، وهذا مما يجل عنه مقامه صلى الله عليه وآله وسلم. كيف؟ وهو سبحانه يقول: “لو لا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين” فيوبخ المؤمنين والمؤمنات على إساءتهم الظن وعدم ردهم ما سمعوه من الإفك.

فمن لوازم الإيمان حسن الظن بالمؤمنين، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أحق من يتصف بذلك ويتحرز من سوء الظن الذي من الإثم وله مقام النبوة والعصمة الإلهية.

على أنه تعالى ينص في كلامه على اتصافه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك إذ يقول: “ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم”: التوبة: 61.

على أنا نقول: إن تسرب الفحشاء إلى أهل النبي ينفر القلوب عنه فمن الواجب أن يطهر الله سبحانه ساحة أزواج الأنبياء عن لوث الزنا والفحشاء وإلا لغت الدعوة، وتثبت بهذه الحجة العقلية عفتهن واقعا لا ظاهرا فحسب، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أعرف بهذه الحجة منا فكيف جاز له أن يرتاب في أمر أهله برمي من رام أو شيوع من إفك…